تثقيف الموظف

من شبابيك الأمل
تثقيف الموظف


فيما بدأ العالم العربي في الفترة الأخيرة يعيش صحوة إنسانية جديدة، حديثة العنوان قديمة العهد لامتدادها من عقديتنا السمحة تحت عنوان ( ثقافة حقوق الإنسان) بشكل بارز وجدي بعد سلسلة الأحداث الخطيرة التي مرّ بها الوطن العربي والعالم أجمع والتي كُشِفت من خلالها كثير من التجاويف التي تعاني منها الأنظمة العربية السياسية والمدنية بمختلف درجاتها، وعليها وُضِعنا تحت المجهر الدولي الذي أراد إعادة برمجة أفكارنا لمحاولة مواجهة الإشكاليات التي تتعلق بخصوصيتنا الثقافية العربية الجامدة وفق نظام أكثر مرونة ومنها (حقوق الإنسان) ، خلال ذلك تنشط الكثير من الجهود لنشر هذه الثقافة على مختلف الأصعدة ، حتى بدأت الأذن في الشارع العربي تعتاد نوعاً ما على هذا المسمى الجديد ولو لم يُطبق أو يمارس بفاعلية حقيقية حتى الآن، فنحن ما زلنا في مرحلة مبكرة ونحتاج إلى الكثير والكثير من الوقت.

في ذات الإطار هناك حقوق متنوعة تضمها هذه الثقافة الإنسانية ومنها وما يهمني الحديث عنه اليوم (حقوق الموظف) ، من المعروف أن لكل هيكل مهني أنظمة وقوانين يقوم عليها نظام العمل ، ومنها القوانين التي تكفل حق الموظف وتحدد واجباته التي يضمن من خلالها كل طرف حقوقه  واحترامه الإنساني والوظيفي، ولكن وبرغم ذلك يجهل (الكثير من الموظفين ) حقوقهم ليس لقلة اهتمامهم بل لضيق مساحة الوعي المهني التي نشأت من فكرة أن العمل مصدر رزق مهم لا أكثر، لنأخذ مثالاً ، ذكر لي أحد الإخوة الذي يعملون في إحدى المؤسسات الهامة في الدولة أنه تعرض لحادث سيارة خلال فترة عمله وأصيب على إثره بعجز مؤقت استمر لسنة كاملة حتى بدأ يسترد عافيته ويعود لمزاولة عمله، ولكنه خلال ذلك لم يكن يعلم أن بنود عقده كموظف تشمل حقه في التأمين الصحي الذي يتكفل بعلاجه ولم يدرك ما له من حقوق مالية مستحقة إلا بعد أن قطع شوطاً طويلاً في معاناة العلاج النفسي والمادي وذلك لجهله بحقوقه والغريب أنه ليس شخصاً بسيط القدرات فهو من المثقفين المطلعين ولكنه كان جاهلاً بأبسط حقوقه المهنية ، على النقيض تماماً منه وفي ذات المؤسسة موظف آسيوي يتقاضى راتب أعلى من الموظف القطري يطالب بما له ومنها قيمة بطاريات (بليب العمل) والتي هي (بريالين) فقط ولا يشعر بالخجل من المطالبة بها لأنه يدرك تماماً أن هذه من حقوقه ، بينما نحن لا نهتم لمثل هذه الأمور لأننا تعلمنا أن نتهاون بالصغائر ، وهنا لا أقصد أن نكون ماديين في فهمنا لحقوقنا فالبعض يخلط بين الأمور حتى بين واجباته وحقوقه ولكني أعني بهذا المثال عندما يكون لك حق وتنازلت عنه بإرادتك أنت حر في ذلك ولكن عندما يكون لك حق وتنازلت عنه لجهلك بالقانون هذه مشكلة حقيقية ، حسناً فلتحاول عزيزي القارئ أن تسأل نفسك الآن و من هم بجانبك من الزملاء، هل قرأت بنود عقدك بشكل صحيح دون أن تفوت بنداً واحداً بإدراك وتمهل ؟ هل ما زلت تتذكر هذه البنود حتى الآن؟ وهل تتابع القوانين الجديدة الصادرة في جهة عملك؟ أكاد أجزم أن من بين عشرة أشخاص شخص واحد يدرك ذلك وأنا على استعداد لإجراء تحقيق موسع للبحث في هذا الموضوع ولكني أريد منكم المباشرة بسؤال النفس أولاً وسؤال الزملاء عندها ربما ستتوقفون عند الكثير من النقاط بل وربما ستصدمون من سلبيتكم.
إن مسألة تثقيف الموظف بحقوقه وواجباته لا تقتصر على جهات العمل فقط التي يفترض أن تقوم بدورها في توعية موظفيها وتثقيفهم مهنياً ومعنوياً لترفع من قيمتهم الإنسانية والعملية ولكنها أيضاً تعود لك أنت أيضاً أيها الموظف فالسلبية وعدم الاهتمام بحقوقك لاعتبارك أن العمل بيت رزق لا يدخل الهواء إلا من نوافذه فقط وتناسي أن هناك أماكن للتهوئة كثيرة تستطيع التنفس من خلالها بأريحة مماثلة هذا جهل منك وعليك من الآن أن تباشر في معرفة ما لك وما عليك على الأقل كي تحافظ على ما تبقى لك من حقوق .

قبل أن أغلق نافذة هذا الصباح ..
هذا الجانب ليس متعلق فقط بالموظف بل يُفترض أن تقوم به جهات العمل ، يجب أن يكون لها دور فاعل في التعريف بالحقوق والواجبات ، وشرح منظومة العمل ، وما للموظف وما عليه ، من أبسط الأشياء حتى أكبرها .

أمينة عبدالله
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بحث عن المشكلات المدرسية

طريقة العمل مع الحالات الفردية

الأهداف الأساسية للمعسكرات :